فصل: باب ما جاء في أبي هند الحجام رضي الله عنه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد **


 باب ما جاء في جرير رضي الله عنه

15995- عن جرير قال‏:‏ لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم رحلت عيبتي ثم لبست حلتي، ثم دخلت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فرماني الناس بالحدق، فقلت لجليسي‏:‏ يا عبد الله ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ نعم ذكرك ‏[‏آنفاً‏]‏ بأحسن ذكر، فبينا هو يخطب إذ عرض له في خطبته وقال‏:‏

‏"‏يدخل عليكم من هذا الباب - أو من هذا الفج - رجل من خير ذي يمن إلا أن على وجهه مسحة ملك‏"‏‏.‏

قال جرير‏:‏ فحمدت الله على ما أبلاني‏.‏

رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنهما، ورجال أحمد رجال الصحيح غير المغيرة بن شبل وهو ثقة‏.‏

15996- وعن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏يطلع عليكم خير ذي يمن، عليه مسحة ملك‏"‏‏.‏ فطلع جرير بن عبد الله‏.‏

رواه الطبراني وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو كذاب‏.‏

15997- وعن عبد الله بن ضمرة قال‏:‏ بينا أنا يوماً قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه أكثرهم من اليمن إذ قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يطلع عليكم من

هذه الثنية خير ذي يمن‏"‏‏.‏ فبقي القوم كل رجل يرجو أن يكون من أهل بيته، فإذا هم بجرير بن عبد الله وقد طلع من الثنية، فجاء حتى سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه، فردوا عليه بأجمعهم السلام، ثم بسط عرض ردائه وقال له‏:‏ ‏"‏على هذا يا جرير فاقعد‏"‏‏.‏ فقعد معهم ملياً ثم قام فانصرف، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لقد رأينا اليوم منك منظراً لجرير ما رأيناه لأحد، قال‏:‏ ‏"‏نعم هذا كريم قومه فأكرموه‏"‏‏.‏

رواه الطبراني والبزار وفيه جماعة لم أعرفهم‏.‏

15998- وعن البراء بن عازب قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏يأتيكم من هذا الفج خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فما من القوم رجل إلا يتمنى أن يكون منه، إذ طلع عليهم راكب، فانتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل عن راحلته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فصافحه وبايعه وهاجر‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏من أنت‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ أنا جرير بن عبد الله البجلي، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ومسح بيده على رأسه ووجهه وصدره وبطنه حتى انحنى جرير حياء أن يدخل يده تحت إزاره، وهو يدعو له بالبركة ولذريته، ثم مسح رأسه وظهره وهو يدعو له‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه جرير بن أيوب البجلي وهو متروك‏.‏

15999- وعن جرير قال‏:‏ إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ يا رسول الله أبايعك على الهجرة، فبايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترط علي‏:‏ ‏"‏والنصح لكل مسلم‏"‏‏.‏ فبايعته على هذا‏.‏

قلت‏:‏ في الصحيح‏:‏ فاشترط علي‏:‏ ‏"‏والنصح لكل مسلم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني بطرق ورجال بعضها رجال الصحيح‏.‏

15600- وعن علي بن أبي طالب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏جرير منا أهل البيت ظهراً لبطن‏"‏‏.‏ قالها ثلاثاً‏.‏

رواه الطبراني، وأبو بكر بن حفص لم يدرك علياً، وسليمان بن إبراهيم بن جرير لم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

16001- وعن جرير قال‏:‏ كانت إذا قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفود دعاني فباهاهم بي‏.‏

رواه الطبراني، وفيه خالد بن عمرو الأموي وهو متروك ووثقه ابن حبان‏.‏

16002- وعن ابن لجرير بن عبد الله قال‏:‏ كان نعل جرير بن عبد الله طولها ذراع‏.‏

رواه عبد الله، وابن جرير لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

16003- وعن سليم أبي الهذيل قال‏:‏ كنت رفّاءً على باب جرير بن عبد الله، فكان يخرج فيركب بغلة له ويحمل غلامه خلفه‏.‏

رواه الطبراني، وسليم ومحمد بن منصور الكليبي لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في وائل بن حجر رضي الله عنه

16004- عن وائل بن حجر قال‏:‏ بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في ملك عظيم وطاعة، فرفضته وخرجت

راغباً في الله ورسوله، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد بشرهم بقدومي، فلما قدمت عليه فسلمت عليه فرد علي وبسط لي رداءه وأجلسني عليه، ثم صعد منبره وأقعدني معه، فرفع يديه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيين، واجتمع الناس إليه، فقال لهم‏:‏

‏"‏أيها الناس هذا وائل بن حجر قد أتاكم من أرض بعيدة من حضرموت طائعاً غير مكره، راغباً في الله وفي رسوله وفي دينه، بقية أبناء الملوك‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ما هو إلا أن بلغنا ظهورك ونحن في ملك عظيم وطاعة عظيمة فأتيتك راغباً في الله ورسوله وفي دينه‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏صدقت‏"‏‏.‏

رواه البزار وفيه محمد بن حجر وهو ضعيف‏.‏

16005- وعن وائل بن حجر قال‏:‏ جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

‏"‏هذا وائل بن حجر جاءكم لم يجئكم رغبة ولا رهبة، جاءكم حباً لله ولرسوله‏"‏‏.‏ وبسط له رداءه وأجلسه إلى جنبه وضمه إليه، وأصعده المنبر فخطب الناس فقال‏:‏ ‏"‏ارفقوا به فإنه حديث عهد بالملك‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ إن أهلي غلبوني على الذي لي، قال‏:‏ ‏"‏أنا أعطيكه وأعطيك ضعفه‏"‏‏.‏

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏يا وائل بن حجر إذا صليت فاجعل يديك حذاء أذنيك، والمرأة تجعل يديها حذاء ثدييها‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ له في الصحيحين في رفع اليدين غير هذا الحديث‏.‏

رواه الطبراني من طريق ميمونة بنت حجر بن عبد الجبار عن عمتها أم يحيى بنت عبد الجبار ولم أعرفها، وبقية رجاله ثقات‏.‏

16006- وعن وائل بن حجر قال‏:‏ لما بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت وافداً عن قومي حتى قدمت المدينة، فلقيت أصحابه قبل لقائه فقالوا‏:‏ بشرنا بك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أن تقدم علينا بثلاثة

أيام، فقال‏:‏ ‏"‏قد جاءكم وائل بن حجر‏"‏‏.‏

ثم لقيته عليه السلام فرحب بي، وأدنى مجلسي وبسط لي رداءه فأجلسني عليه، ثم دعا في الناس فاجتمعوا إليه، ثم اطلع المنبر وأطلعني معه وأنا دونه، ثم حمد الله وقال‏:‏

‏"‏يا أيها الناس هذا وائل بن حجر أتاكم من بلاد بعيدة من بلاد حضرموت، طائعاً غير مكره، بقية أبناء الملوك، بارك الله فيك يا وائل وفي ولدك‏"‏‏.‏ ثم نزل وأنزلني منزلاً شاسعاً عن المدينة، وأمر معاوية بن أبي سفيان أن يبوئني إياه، فخرجت وخرج معي حتى إذا كنا ببعض الطريق قال‏:‏ يا وائل إن الرمضاء قد أصابت بطن قدمي فأردفني خلفك، فقلت‏:‏ ما أضن عليك بهذه الناقة ولكن لست من أرداف الملوك وأكره أن أعير بك، قال‏:‏ فألق إلي حذاءك أتوقى به من حر الشمس، قلت‏:‏ ما أضن عليك بهاتين الجلدتين ولكن لست ممن يلبس لباس الملوك وأكره أن أعير بك‏.‏ فلما أردت الرجوع إلى قومي أمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتب ثلاثة، منها كتاب لي خالص يفضلني فيه على قومي، وكتاب لي ولأهل بيتي بأموالنا هناك، وكتاب لي ولقومي‏.‏

وفي كتابي الخالص‏:‏ ‏"‏بسم الله من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية، إن وائلاً يستسقى ويترفل على الأقيال حيث كانوا من حضرموت‏"‏‏.‏

وفي كتابي الذي لي ولأهل بيتي‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية لأبناء معشر وأبناء ضمعاج أقيال شنوءة بما كان لهم فيها من ملوك ومزاهر وعمران وبحر وملح ومحجر، وما كان لهم من

مال اترثوه وما كان لهم فيها من مال بحضرموت أعلاها وأسفلها، مني الذمة والجوار، الله لهم جار، المؤمنون على ذلك أنصار‏"‏‏.‏

وفي الكتاب الذي لي ولقومي‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى وائل بن حجر والأقوال العباهلة من حضرموت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة من الصرمة التيعة ولصاحبها الثيمة، لا جلب ولا جنب ولا شغار ولا وراط في الإسلام‏.‏ لكل عشرة من السرايا ما يحمل الجراب من التمر، من أجبا فقد أربى، وكل مسكر حرام‏"‏‏.‏

فلما ملك معاوية بعث رجلاً من قريش يقال له‏:‏ بسر بن أبي أرطاة فقال له‏:‏ ضممت إليك الناحية فاخرج بجيشك فإذا خلفت أفواه الشام فضع سيفك فاقتل من أبى بيعتي حتى تصير إلى المدينة، ثم ادخل المدينة فاقتل من أبى بيعتي وإن أصبت وائل بن حجر حياً فائتني به، ففعل وأصاب وائلاً حياً فجاء به إليه، فأمر معاوية أن يتلقى، وأذن له فأجلسه معه على سريره فقال له معاوية‏:‏ أسريري هذا خير أم ظهر ناقتك‏؟‏ فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين كنت حديث عهد بجاهلية وكفر، وكانت تلك سيرة الجاهلية فقد أتانا الله بالإسلام فستر الإسلام ما فعلت‏.‏ قال‏:‏ فما منعك من نصرنا وقد أعدك عثمان ثقة وصهراً‏؟‏ قلت‏:‏ إنك قاتلت رجلاً هو أحق بعثمان منك، قال‏:‏ وكيف يكون أحق بعثمان مني وأنا أقرب إلى عثمان في النسب‏؟‏ قلت‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بين علي وعثمان، فالأخ أولى من ابن العم، ولست أقاتل المهاجرين، قال‏:‏ أولسنا مهاجرين‏؟‏ قلت‏:‏ أولسنا قد اعتزلناكما جميعاً‏؟‏

وحجة أخرى‏:‏ حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رفع رأسه نحو المشرق وقد حضره جمع كثير ثم رد إليه بصره فقال‏:‏ ‏"‏أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم‏"‏‏.‏ فشدد أمرها وعجله وقبحه، فقلت له من بين القوم‏:‏ يا رسول الله وما الفتن‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏يا وائل إذا اختلف سيفان في الإسلام فاعتزلهما‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ أصبحت شيعياً‏؟‏ فقلت‏:‏ لا ولكني أصبحت ناصحاً للمسلمين، فقال معاوية‏:‏ لو سمعت ذا وعلمته ما أقدمتك، قلت‏:‏ أوليس قد رأيت ما صنع محمد بن مسلمة عند مقتل عثمان‏؟‏ انتهى بسيفه إلى صخرة فضربه حتى انكسر، فقال‏:‏ أولئك قوم يحملون ‏[‏علينا‏]‏‏.‏

قلت‏:‏ فكيف نصنع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم‏"‏‏؟‏‏.‏

فقال‏:‏ اختر أي البلاد شئت فإنك لست براجع إلى حضرموت، فقلت‏:‏ عشيرتي بالشام وأهل بيتي بالكوفة، فقال‏:‏ رجل من أهل بيتك خير من عشرة من عشيرتك، فقلت‏:‏ ما رجعت إلى حضرموت سروراً بها وما ينبغي للمهاجر أن يرجع إلى الموضع الذي هاجر منه إلا من علة، قال‏:‏ وما علتك‏؟‏ قلت‏:‏ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن، فحيث اختلفتم اعتزلناكم، وحيث اجتمعتم جئناكم، فهذه العلة‏.‏

فقال‏:‏ إني قد وليتك الكوفة فسر إليها، فقلت‏:‏ ما ألي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أما رأيت أبا بكر أرادني فأبيت‏؟‏ وأرادني عمر فأبيت، وأرادني عثمان فأبيت، ولم أدع بيعتهم‏.‏

‏[‏قد‏]‏ جاءني كتاب أبي بكر حيث ارتد أهل ناحيتنا فقمت فيهم حتى ردهم الله إلى الإسلام بغير ولاية، فدعا عبد الرحمن بن أم الحكم فقال‏:‏ سر فقد وليتك الكوفة، وسر بوائل فأكرمه واقض حوائجه، فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين أسأت بي الظن، تأمرني بإكرام من قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمه وأبا بكر وعمر وعثمان وأنت‏؟‏ فسر معاوية بذلك منه، فقدمت معه الكوفة فلم يلبث أن مات‏.‏

قال محمد بن حجر‏:‏ الوِرَاط‏:‏ القمار‏.‏ والأقوال‏:‏ الملوك‏.‏ والعياهل‏:‏ العظماء‏.‏

رواه الطبراني في الصغير والكبير وفيه محمد بن حجر وهو ضعيف‏.‏

 باب ما جاء في العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه

16007- عن أبي هريرة قال‏:‏ لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى البحرين تبعته فرأيت منه ثلاث خصال لا أدري أيتهن أعجب‏.‏ انتهينا إلى ساحل البحر فقال‏:‏ سموا الله وتقحموا، فسمينا وتقحمنا فعبرنا، فما بل الماء أسافل خفاف إبلنا‏.‏ فلما قفلنا صرنا معه بفلاة من الأرض وليس معنا ماء، فشكونا إليه فقال‏:‏ صلوا ركعتين، ثم دعا فإذا سحابة مثل الترس، ثم أرخت عزاليها فسقينا واستقينا، فمات فدفناه في الرمل، فلما صرنا غير بعيد قلنا‏:‏ يجيء سبع فيأكله، فرجعنا فلم نره‏.‏

رواه الطبراني في الثلاثة وفيه إبراهيم بن معمر الهروي ولد إسماعيل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدمت قصته في البحرين وحصرهم إياه ونصره عليهم في قتال أهل الردة‏.‏

 باب ما جاء في جبير بن مطعم رضي الله عنه

16008- عن جبير بن مطعم قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لو أتاني ‏[‏في هؤلاء‏]‏ النتنى لشفعته‏"‏‏.‏ يعني‏:‏ المطعم بن عدي، فأسلم عند ذلك جبير‏.‏

قلت‏:‏ هو في الصحيح غير قوله‏:‏ فأسلم عند ذلك جبير‏.‏

رواه الطبراني وإسناده حسن‏.‏

 باب ما جاء في ثوبان رضي الله عنه

16009- قال الطبراني‏:‏ ثوبان رضي الله عنه يكنى أبا عبد الله، ويقال‏:‏ هو من اليمن من حمير مولى آل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ويقال‏:‏ أصابه سباء فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه، كان يسكن حمص، مات سنة خمس وخمسين‏.‏

 باب ما جاء في هالة رضي الله عنه

16010- عن هالة أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راقد فاستيقظ، فضم هالة إلى صدره فقال‏:‏

‏"‏هالة هالة‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الصغير والأوسط وقال‏:‏ كأنه سر به لقرابته من خديجة رضي الله عنها‏.‏وفي إسناده جماعة لم أعرفهم‏.‏

 باب ما جاء في حسان بن ثابت رضي الله عنه

16011- عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت‏:‏

‏"‏أهج المشركين فإن الله تعالى يؤيدك بروح القدس‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الصغير، وفيه أيوب بن سويد الرملي وهو ضعيف ووثقه ابن حبان وقال‏:‏ كان رديء الحفظ‏.‏

15012- وعن سعيد بن جبير قال‏:‏ جاء رجل إلى ابن عباس فقال‏:‏ قد جاء حسان اللعين، فقال ابن عباس‏:‏ ما هو بلعين لقد جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ونفسه‏.‏

رواه أبو يعلى وفيه خديج بن معاوية بن خديج وهو ضعيف وقد وثق‏.‏

 باب ما جاء في أبي هند الحجام رضي الله عنه

16013- عن عائشة أن أبا هند مولى بني بياضة كان حجاماً حجم النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من سره أن ينظر إلى رجل صور الله الإيمان في قلبه فلينظر إلى أبي هند‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏"‏أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الواحد بن إسحاق الطبراني ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في معاوية بن معاوية الليثي رضي الله عنه

16014- عن أنس بن مالك قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، فطلعت الشمس بضياء وشعاع ونور لم نرها طلعت فيما مضى بمثله، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

‏"‏يا جبريل ما لي أرى الشمس اليوم طلعت بضياء ونور وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ إن ذلك معاوية بن معاوية الليثي مات بالمدينة اليوم، فبعث الله عليه ألف ملك يصلون عليه، قال‏:‏ ‏"‏وفيم ذلك‏"‏‏.‏ قال‏:‏ كان يكثر قراءة ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏ في الليل والنهار

وفي ممشاه وقيامه وقعوده، فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏ فصلى عليه‏.‏

رواه أبو يعلى وفيه العلاء بن زيدل أبو محمد الثقفي وهو متروك‏.‏

 باب ما جاء في دحية الكلبي رضي الله عنه

16015- عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏كان يأتيني جبريل على صورة دحية الكلبي‏"‏‏.‏

قال أنس‏:‏ ودحية كان رجلاً جسيماً أبيض‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف‏.‏

 باب ما جاء في العرباض وعتبة رضي الله عنهما

16016- عن شريح بن عبيد قال‏:‏ كان عتبة يقول‏:‏ عرباض خير مني، وعرباض يقول‏:‏ عتبة خير مني سبقني إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسنة‏.‏

رواه أحمد ورجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في أبي زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنه

16017- عن أبي زيد أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

16018- وعن أبي زيد قال‏:‏ قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة مرة‏.‏

قال شعبة‏:‏ وهو جد عزرة‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير تميم بن حويص وهو ثقة‏.‏

16019- وعن أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاري قال‏:‏ استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بقدح فيه ماء، فكانت فيه شعرة فأخذتها، فقال‏:‏ ‏"‏اللهم جمله‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فرأيته وهو ابن أربع وتسعين ليس في لحيته شعرة بيضاء‏.‏

رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال‏:‏ ستون سنة‏.‏ وإسناده حسن‏.‏

16020- وعن أبي زيد بن أخطب قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏جمّلك الله‏"‏‏.‏

وكان رجلاً جميلاً حسن الشمط‏.‏

رواه أحمد عن شيخه الحجاج بن نصير وقد وثقه غير واحد وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب ما جاء في ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه

16021- عن ضمرة بن ثعلبة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلتان من حلل اليمن فقال‏:‏

‏"‏يا ضمرة أترى ثوبيك هذين مدخليك الجنة‏؟‏‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ لئن استغفرت لي يا رسول الله لا أقعد حتى أنزعهما عني‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللهم اغفر لضمرة بن ثعلبة‏"‏‏.‏ فانطلق سريعاً حتى نزعهما عنه‏.‏

رواه أحمد والطبراني‏.‏

16022- وعنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ادع الله لي بالشهادة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقالوا‏:‏ يا ابن ثعلبة إنك لتغرر وتحمل على القوم، فقال‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده، ثم يتراءى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع أصحابي‏.‏

قال‏:‏ فعمر زماناً طويلاً من دهره‏.‏

رواه الطبراني وإسناده حسن‏.‏

 باب ما جاء في معقل بن يسار رضي الله عنه

16023- عن معقل بن يسار قال‏:‏ صحبت النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا‏.‏

رواه أحمد ورجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في أبي العاص بن الربيع رضي الله عنه

16024- قال الزبير بن بكار‏:‏ أبو العاص بن الربيع زوج بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وابن خالتها، أمه هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي أخت خديجة لأبيها، وأمها فاطمة بنت زائدة وهو الأصم بن جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد ‏[‏بن‏]‏ معيص بن عامر بن لؤي، ويقال‏:‏ اسم أبي العاص بن الربيع مهشم، وكان يسمى‏:‏ جرو البطحاء‏.‏

وقال الزبير‏:‏ وحدثني محمد بن حسن ويحيى بن محمد قالا‏:‏ اسم أبي العاص بن الربيع‏:‏ لقيط‏.‏

قال الزبير‏:‏ وحدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال‏:‏ اسم أبي العاص بن الربيع القاسم وذلك الثبت في اسمه‏.‏

وتوفي أبو العاص بن الربيع في ذي الحجة سنة ثنتي عشرة‏.‏

رواه الطبراني وإسناده منقطع‏.‏

  باب ما جاء في فروة بن نعامة، ويقال‏:‏ ابن عامر الجذامي رضي الله عنه

16025- عن عباس قال‏:‏ بعث فروة بن عامر الجذامي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء، وكان فروة عاملاً لقيصر ملك الروم على من يليه من العرب، وكان منزله بعمان وما حولها، فلما بلغ الروم ذلك من أمره حبسوه فقال في محبسه‏:‏

طرقت سليمى موهناً أصحابي * والروم بين الناس والقرواني

صد الخيال وساءني ما قد أرى * فهممت أن أعفي وقد أبكاني

فلا تكحلن العين بعدي إثمداً * سلمى ولا برين للإيمان

ولقد علمت أبا كبيشة أنني * وسط الأعزة لا يحس لساني

ولئن هلكت ليفقدن أخاكم * ولئن أصبت ليعرفن مكاني

ولقد عرفت بكل ما جمع الفتى * من رأيه وبنجدة وبيان

فلما جمعوا ‏[‏على صلبه‏]‏ وصلبوه على ماء يقال له‏:‏ عفراء بفلسطين، فلما رفع على خشبة قال‏:‏

ألا هل أتى سلمى بأن حليلها * على ماء عفراً فوق إحدى الرواحل

بحدافة لم يضرب الفحل أمها * مشذية أطرافها بالمناجل

وقال‏:‏

بلّغ سراة المسلمين بأنني * سِلْمٌ لربي أعظمي وبناني

رواه الطبراني وفيه عبد الله بن سلمة الربعي ضعفه أبو زرعة‏.‏

 باب ما جاء في فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه

16026- عن فروة بن مسيك المرادي قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أكرهت يوميكم ويومي همدان‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ نعم يا رسول الله، فناء الأهل والعشيرة، قال‏:‏ ‏"‏أما إنه خير لمن اتقى منكم‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال‏:‏ ‏"‏خير لمن بقي منكم‏"‏‏.‏ وفيه مجالد وهو حسن الحديث وقد ضعف، وبقية رجالهما رجال الصحيح‏.‏

 باب ما جاء في فرات بن حيان رضي الله عنه

16027- عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه‏:‏

‏"‏إن منكم رجالاً لا أعطيهم شيئاً أكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان‏"‏‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة‏.‏

16028- وعن علي - يعني ابن طالب - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏إني لأعطي قوماً أتألفهم وأكل قوماً إلى ما عندهم - أو إلى ما جعل الله في قلوبهم - منهم فرات بن حيان‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف‏.‏

 باب في عمران بن حصين رضي الله عنه

16029- عن أبي عبيد قال‏:‏ عمران بن حصين من بني غاضرة من خزاعة‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

16030- وعن الواقدي قال‏:‏ عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبيد بن عبد نهم بن حذافة بن حممة بن غاضرة بن حبشية بن كعب بن عمرو بن خزاعة‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

16031- قال الطبراني‏:‏ ثنا عبيد الله بن محمد قال‏:‏ ويكنى عمران أبا نجيد، أسلم قديماً هو وأبوه، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات‏.‏ ولم يزل في بلاد قومه وينزل إلى المدينة كثيراً إلى أن قبض النبي صلى الله عليه وسلم فتحول إلى البصرة فنزلها إلى أن مات بها، وله بقية من ولد‏.‏

وخالد بن طليق بن محمد بن عمران بن حصين ولي قضاء البصرة‏.‏

ويقال‏:‏ إن حصيناً مات مسلماً، وقد ورد أنه مات مشركاً، والصحيح أنه أسلم‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

16032- وعن هلال بن يساف قال‏:‏

قدمت البصرة فدخلت المسجد، فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية مستنداً إلى أسطوانة حوله حلقة يحدثهم‏.‏ قلت‏:‏ من هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ عمران بن حصين‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

16033- وعن محمد بن سيرين قال‏:‏ ما قدم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نفضله على عثمان ‏(‏كذا‏)‏ بن حصين‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

16034- وعن سفيان قال‏:‏ ما قدم البصرة مثل عمران بن حصين‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن الإمام أحمد لم يسمع من سفيان الثوري، وإن كان هو ابن عيينة فقد سمع منه‏.‏

16035- وعن أبي الأسود الدؤلي قال‏:‏ قدمت البصرة وبها أبو نجيد عمران بن حصين، وكان عمر بن الخطاب بعثه يفقه أهل البصرة‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

16036- وعن الحكم بن الأعرج أن عمران بن حصين قال‏:‏ ما مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

رواه الطبراني وفيه عمر بن سهل المازني وثقه ابن حبان وقال‏:‏ ربما خالف، وضعفه العقيلي، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

16037- وعن عطاء بن أبي ميمونة مولى عمران بن الحصين

أن عمران بن الحصين قُتل له أخ في الجاهلية فقتل به سبعين‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عطاء‏.‏

16038- وعن هارون بن عبد الله الحمال قال‏:‏ مات عمران بن حصين سنة ثنتين وخمسين‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

 باب ما جاء في البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما

16039- عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال‏:‏ غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة‏.‏

16040- وقال‏:‏ سمعت زيد بن أرقم يقول‏:‏ غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة غزوة‏.‏

رواه أبو يعلى، وفيه خديج بن معاوية وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب ما جاء في عمير بن سعد رصي الله عنه

16041- عن عمير بن سعد قال‏:‏ بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمير بن سعد عاملاً على حمص فمكث حولاً لا يأتيه‏.‏ فقال عمر لكاتبه‏:‏ اكتب إلى عمير بن سعد، فوالله ما أراه إلا ‏[‏قد‏]‏ خاننا

فإذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل بما جئت من المسلمين حين تنظر في كتابي هذا، فأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته، وعلّق أدواته وأخذ عنزته، ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة‏.‏

قال‏:‏ فقدم وقد شحب لونه واغبر وجهه وطالت شعرته، فدخل على عمر فقال‏:‏ السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله، فقال عمر‏:‏ ما شأنك‏؟‏ فقال عمير‏:‏ ما ترى من شأني‏؟‏ ألست تراني صحيح البدن ظاهر الدم معي الدنيا أجرها بقرونها‏!‏ قال‏:‏ وما معك‏؟‏ قال‏:‏ فظن عمر أنه قد جاء بمال، فقال‏:‏ معي جرابي أجعل فيه زادي وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوي إن عارضني، فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي‏.‏ قال‏:‏ فجئت تمشي‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ ما فعلوا وما سألتهم ذلك، قال‏:‏ بئس المسلمون خرجت من عندهم، فقال له عمير‏:‏ اتق الله يا عمر فقد نهاك الله عن الغيبة، وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة‏.‏ قال‏:‏ فأين ما بعثتك به وأي شيء صنعت‏؟‏ قال‏:‏ وما سؤالك يا أمير المؤمنين‏؟‏ فقال عمر‏:‏ سبحان الله‏!‏ فقال عمير‏:‏ أما لو لم أخش أن أغمك ما أخبرتك، بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه ولو نالك منه شيء لأتيتك به، قال‏:‏ فما جئتنا بشيء‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ جددوا لعمير عهداً، قال‏:‏ إن ذلك لسيئ لا عملت لك ولا لأحد

بعدك، والله ما سلمت بل لم أسلم ولو قلت لنصراني‏:‏ أخزاك الله، فهذا ما عرضتني به يا عمر، وإن أشقى أيامي يوماً خلفت معك يا عمر، فاستأذنه فأذن له فرجع إلى منزله‏.‏

قال‏:‏ وبينه وبين المدينة أميال، فقال عمر حين انصرف عمير‏:‏ ما أراه إلا قد خاننا، فبعث رجلاً يقال له‏:‏ الحارث، فقال‏:‏ انطلق حتى تنزل به كأنك ضيف ‏[‏فإن رأيت أثر شيء فأقبل‏]‏ وإن رأيت حالاً شديدة فادفع هذه المائة الدنيار‏.‏

فانطلق الحارث، فإذا بعمير جالس يفلي قميصه إلى جنب الحائط، فسلم عليه الرجل، فقال له عمير‏:‏ انزل رحمك الله، فنزل ثم سأله فقال له‏:‏ من أين جئت‏؟‏ قال‏:‏ من المدينة، فقال‏:‏ كيف تركت أمير المؤمنين‏؟‏ قال‏:‏ صالحاً، قال‏:‏ كيف تركت المسلمين‏؟‏ قال‏:‏ صالحين، قال‏:‏ أليس يقيمون الحدود‏؟‏ قال‏:‏ بلى لقد ضرب ابناً له أتى فاحشة فمات من ضربه، فقال عمير‏:‏ اللهم أعز عمر فإني لا أعلمه إلا شديداً حبه لك‏.‏

قال‏:‏ فنزل به ثلاثة أيام وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد، فقال له عمير‏:‏ يا هذا إنك قد أجعتنا فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل، قال‏:‏ فأخرج الدنانير فوضعها إليه، فقال‏:‏ بعث بها إليك أمير المؤمنين فاستعن بها، فصاح قال‏:‏ لا حاجة لي فيها، ردها، فقالت له امرأته‏:‏ إن احتجت إليها وإلا فضعها مواضعها، فقال عمير‏:‏ والله ما لي شيء أجعلها فيه، فشقت امرأته أسفل درعها فأعطته خرقة فجعلها فيها، ثم خرج فقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء‏.‏ ثم رجع والرسول يظن أنه يعطيه منها شيئاً فقال له‏:‏ أقرئ أمير المؤمنين مني السلام‏.‏

فرجع الحارث إلى عمر فقال‏:‏ ما رأيت‏؟‏ قال‏:‏ رأيت يا أمير المؤمنين حالاً شديدة‏.‏ قال‏:‏ فما صنع بالدنانير‏؟‏ قال‏:‏ لا أدري‏.‏

قال‏:‏ وكتب إليه عمر‏:‏ إذا جاءك كتابي فلا تضعه من يدك حتى تقبل، فأقبل على

عمر فدخل عليه فقال عمر‏:‏ ما صنعت بالدنانير‏؟‏ قال‏:‏ صنعت ما صنعت، وما سؤالك عنها‏؟‏ قال‏:‏ أنشد عليك لتخبرني بما صنعت بها، قال‏:‏ قدمتها لنفسي، فقال‏:‏ رحمك الله‏.‏ فأمر له عمر بوسق من طعام وثوبين، فقال‏:‏ أما الطعام فلا حاجة لي فيه قد تركت في المنزل صاعين من شعير إلى أن آكل ذلك، قد جاء الله بالرزق، فلم يأخذ الطعام‏.‏ وأما الثوبان فقال‏:‏ إن فلانة عارية‏.‏ فأخذهما ورجع إلى منزله، فلم يلبث أن هلك رحمه الله، فبلغ ذلك عمر فشق عليه وترحم عليه‏.‏ فخرج يمشي ومعه المشاؤون إلى بقيع الغرقد، فقال لأصحابه‏:‏ ليتمن كل رجل منكم أمنيته‏.‏

فقال رجل‏:‏ يا أمير المؤمنين وددت أن عندي مالاً فأعتق لوجه الله كذا وكذا‏.‏ وقال آخر‏:‏ وددت أن عندي مالاً فأنفق في سبيل الله‏.‏ وقال آخر‏:‏ وددت أن عندي قوة فأمتح بدلو ماء زمزم لحاج بيت الله‏.‏ فقال عمر‏:‏ وددت أن لي رجلاً مثل عمير، وددت أن لي رجالاً مثل عمير أستعين بهم في أعمال المسلمين‏.‏

رواه الطبراني وفيه عبد الملك بن هارون بن عنترة وهو متروك‏.‏

 باب ما جاء في حكيم بن حزام رضي الله عنه

16042- عن يعقوب بن عبد الرحمن القاري قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ عاش حكيم بن حزام عشرين ومائة سنة، ستين في الإسلام وستين في الجاهلية، وكان إذا استغلظ في اليمين قال‏:‏ والذي أنعم على حكيم أن يكون قتيلاً يوم بدر، لا أفعل كذا وكذا، فلا يفعله‏.‏

رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات‏.‏

16043- وعن مصعب بن ثابت قال‏:‏ والله لقد بلغني‏:‏

أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة معه مائة رقبة ومائة بدنة ومائة بقرة ومائة شاة فقال‏:‏ هذا كله لله، فأعتق الرقاب وأمر بذلك فنحر‏.‏

رواه الطبراني مرسلاً وفيه من لم أعرفه‏.‏

16044- وعن حكيم بن حزام أنه باع داراً له من معاوية رضي الله عنهما بستين ألفاً فقالوا‏:‏ غبنك والله معاوية‏!‏ فقال‏:‏ والله ما أخذتها في الجاهلية إلا بزق خمر، أشهدكم أنها في سبيل الله والمساكين والرقاب، فأينا المغبون‏؟‏

16045- وفي رواية‏:‏ بمائة ألف‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن‏.‏

16046- وعن أبي حازم قال‏:‏ ما كان بالمدينة أحد سمعنا به كان أكثر حملاً في سبيل الله من حكيم بن حزام‏.‏

قال‏:‏ لقد قدم أعرابيان المدينة يسألان من يحمل في سبيل الله، فدُلا على حكيم بن حزام، فأتياه في أهله فسألهما ما يريدان فأخبراه ما يريدان، فقال لهما‏:‏ لا تعجلا حتى أخرج إليكما، وكان حكيم يلبس ثياباً يؤتى بها من مصر كأنها الشباك ثمنها أربعة دراهم، ويأخذ عصا في يده ويخرج ومعه غلامان له، وكلما مر بكناسة - أو قمامة - فرأى فيها خرقة تصلح في جهاز الإبل التي يحمل عليها في سبيل الله أخذها بطرف عصاه فنفضها، ثم قال لغلاميه‏:‏ أمسكا بسلعتكما في جهازكما، فقال الأعرابيان أحدهما لصاحبه وهو يصنع ذلك‏:‏ ويحك انج بنا فوالله ما عند هذا إلا لقط القشع، فقال له صاحبه‏:‏ ويحك لا تعجل حتى ننظر، فخرج بهما إلى السوق فنظر إلى ناقتين جليلتين سمينتين خلفتين فابتاعهما وابتاع جهازهما ثم قال لغلاميه‏:‏ رما بهذه

الخرق ما ينبغي له المرمة من جهازكما، ثم أوقرهما طعاماً وبراً وودكاً، ثم أعطاهما نفقة، ثم أعطاهما الناقتين‏.‏

قال‏:‏ يقول أحدهما لصاحبه‏:‏ والله ما رأيت من لاقط قشع خيراً من اليوم‏.‏

رواه الطبراني‏.‏

 باب ما جاء في عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

16047- قال الطبراني‏:‏ عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أمه أم مجالد امرأة من بني هلال‏.‏ أسلم عام الفتح واستشهد يوم أجنادين‏.‏

16048- وعن مصعب بن عبد الله الزبيري قال‏:‏ عكرمة ين أبي جهل بن هشام، ليس له عقب، وكان خرج هارباً يوم الفتح حتى استأمنت له زوجته من النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أم حكيم بنت هشام، فأمنه‏.‏ أدركته باليمن فردته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه فاعتنقه وقال‏:‏

‏"‏مرحباً بالراكب المهاجر‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وإسناده منقطع‏.‏

16049- وعن أبي ملكية قال‏:‏ كان عكرمة بن أبي جهل إذا اجتهد في اليمين قال‏:‏ والذي نجاني يوم بدر‏.‏

وكان يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويقول‏:‏ كلام ربي كلام ربي‏.‏

رواه الطبراني مرسلاً ورجاله رجال الصحيح‏.‏

16050- وعن عكرمة بن أبي جهل قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جئته‏:‏

‏"‏مرحبا بالراكب المهاجر، مرحبا بالراكب المهاجر‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ يا رسول الله لا أدع نفقة عليك إلا أنفقتها في سبيل الله‏.‏

قلت‏:‏ عند الترمذي‏:‏ ‏"‏مرحباً بالراكب المهاجر‏"‏‏.‏ فقط مرة واحدة‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن مصعب بن سعد لم يسمع من عكرمة‏.‏

16051- وعن أم سلمة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏رأيت لأبي جهل عنقاً في الجنة‏"‏‏.‏ فلما أسلم عكرمة قال‏:‏ ‏"‏هو هذا‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وقد وثق وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في عروة بن مسعود رضي الله عنه

16052- عن عروة - يعني ابن الزبير - قال‏:‏ لما أنشأ الناس الحج سنة تسع قدم عروة بن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إني أخاف أن يقتلوك‏"‏‏.‏ قال‏:‏ لو وجدوني نائماً ما أيقظوني، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قومه مسلماً، فرجع عشاء فجاء ثقيف يحيونه، فدعاهم إلى الإسلام فاتهموه وأغضبوه وأسمعوه ما لم يكن يحتسب، ثم خرجوا من عنده، فلما أسحروا واطلع الفجرقام عروة على غرفة في داره فأذن بالصلاة وتشهد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مثل عروة مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وروى عن الزهري نحوه وكلاهما مرسل وإسنادهما حسن‏.‏

16053- وعن ابن عباس قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود إلى الطائف فرماه رجل بسهم فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما أشبه هذا بصاحب ياسين‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه أبو عبيدة بن الفضل وهو ضعيف‏.‏

16054- وعن علي بن زيد بن جدعان أن عروة بن مسعود قال لقومه زمن الحديبية‏:‏ أي قوم، إني قد رأيت الملوك وكلمتهم فابعثوني إلى محمد فأكلمه، فأتاه بالحديبية، فجعل عروة يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمغيرة بن شعبة شاك في السلاح على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له المغيرة‏:‏ كف يدك قبل أن لا تصل إليك، فرفع عروة رأسه فقال‏:‏ أنت هو والله، إني لفي غدرتك، ما أخرجت منها بعد‏.‏

فرجع عروة إلى قومه فقال‏:‏ أي قوم، إني قد رأيت الملوك وكلمتهم، والله ما رأيت مثل محمد صلى الله عليه وسلم قط وما هو بملك، ولقد رأيت الهدي معكوفاً يأكل وبره، وما أراكم إلا سيصيبكم قارعة‏.‏ فانصرف ومن معه من قومه فصعد سور الطائف فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فرماه رجل من قومه بسهم فقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل صاحب ياسين‏"‏‏.‏

رواه أبو يعلى مرسلاً وإسناده حسن‏.‏

 باب ما جاء في أبي أمامة، واسمه صدى بن عجلان رضي الله عنه

16055- عن أبي أمامة قال‏:‏ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله عز وجل وأعرض عليهم شرائع الإسلام، فأتيتهم وقد سقوا إبلهم وحلبوها وشربوا، فلما رأوني قالوا‏:‏ مرحباً بالصدي بن عجلان، قالوا‏:‏ بلغنا أنك صبوت إلى هذا الرجل، قلت‏:‏ لا ولكن آمنت بالله ورسوله وبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أعرض عليكم الإسلام وشرائعه‏.‏ فبينا نحن كذلك إذ جاءوا بقصعة دم فوضعوها واجتمعوا حولها فأكلوا بها، قالوا‏:‏ هلم يا صدي، قلت‏:‏ ويحكم إنما أيتتكم من عند من يحرم هذا عليكم إلا ما ذكيتم كما أنزل الله عليه، قالوا‏:‏ وما قال‏؟‏ قلت‏:‏ نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وأن تستقسموا بالأزلام‏}‏ فجعلت أدعوهم إلى الإسلام ويأبون، قلت لهم‏:‏ ويحكم ائتوني بشربة من ماء فإني شديد العطش، قال‏:‏ وعلي عمامة، قالوا‏:‏ لا ولكن ندعك تموت عطشاً، قال‏:‏ فاعتممت وضربت برأسي في العمامة ونمت في الرمضاء في حر شديد، فأتاني آت في منامي بقدح زجاج لم ير الناس أحسن منه وفيه شراب لم ير الناس ألف منه فأمكنني منها فشربتها، فحيث فرغت من شرابي استيقظت ولا والله ما عطشت ولا عرفت عطشاً بعد تيك الشربة‏.‏

رواه الطبراني وفيه بشير بن شريح وهو ضعيف‏.‏

16056- وعن أبي أمامة قال‏:‏ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى باهلة، فأتيتهم وهم على الطعام، فرحبوا بي وأكرموني وقالوا‏:‏ تعال فكل، فقلت‏:‏ إني جئت لأنهاكم عن هذا الطعام وأنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيتكم لتؤمنوا به، فكذبوني وزبروني، ‏[‏فانطلقت‏]‏ وأنا جائع ظمآن

قد براني جهد شديد، فنمت فأتيت في منامي بشربة لبن، فشربت ورويت وعظم بطني، فقال القوم‏:‏ أتاكم رجل من أشرافكم وسراتكم فرددتموه‏!‏ اذهبوا إليه وأطعموه من الطعام والشراب، فقلت‏:‏ لا حاجة ‏[‏لي‏]‏ في طعامكم وشرابكم فإن الله عز وجل أطعمني وسقاني فانظروا إلى هذه الحال التي أنا عليها، فنظروا فآمنوا بي وبما جئت به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

16057- وفي رواية‏:‏ فأريتهم بطني، فأسلموا عن آخرهم‏.‏

رواه الطبراني بإسنادين وإسناد الأولى حسن فيها أبو غالب وقد وثق‏.‏

 باب ما جاء في الأشج ورفقته رضي الله عنهم

16058- عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال‏:‏ قال الأشج بن عصر‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ ما هما يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الحلم والأناة‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ أقديماً كانا ‏[‏فيّ‏]‏ أم حديثاً‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏‏[‏بل‏]‏ قديماً‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن ابن أبي بكرة لم يدرك الأشج‏.‏

16009- وعن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس‏:‏

‏"‏إنك فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله‏:‏ الحلم والأناة‏"‏‏.‏

رواه الطبراني من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير نعيم بن يعقوب وهو ثقة، ورواه في الأوسط من طريق حسنة الإسناد‏.‏

16060- وعن مزبدة جد هود العبدي قال‏:‏ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال‏:‏

‏"‏يطلع عليكم من هذا الفج ركب من خير أهل المشرق‏"‏‏.‏

فقام عمر بن الخطاب فتوجه في ذلك الوجه فلقي ثلاثة عشر راكباً، فرحب وقرب وقال‏:‏ من القوم‏؟‏ قالوا‏:‏ قوم من عند عبد القيس، قال‏:‏ فما أقدمكم لهذه البلاد‏؟‏ التجارة‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ فتبيعون سيوفكم هذه‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل‏؟‏ قالوا‏:‏ أجل، فمشي معهم يحدثهم حتى نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏هذا صاحبكم الذي تطلبون‏"‏‏.‏ فرمى القوم بأنفسهم عن رواحلهم، فمنهم من سعى سعياً، ومنهم من هرول هرولة، ومنهم من مشى حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذوا بيده يقبلونها وقعدوا إليه، وبقي الأشج - وهو أصغر القوم - فأناخ الإبل وعقلها وجمع ‏[‏متاع‏]‏ القوم، ثم أقبل يمشي على تؤدة حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فقبلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله‏"‏‏.‏ قال‏:‏ وما هما يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الأناة والتؤدة‏"‏‏.‏ قال‏:‏ أجبلاً جبلت عليه أو تخلقاً مني‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏بل جبل‏"‏‏.‏ قال‏:‏ الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله‏.‏ وأقبل القوم قبل تمرات لهم يأكلونها، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسمي لهم هذا كذا وهذا كذا، قالوا‏:‏ أجل يا رسول الله ما نحن بأعلم بأسمائها منك، قال‏:‏ ‏"‏أجل‏"‏‏.‏ فقالوا لرجل منهم‏:‏ أطعمنا من بقية الذي بقي من نوطك، فقام فأتاه بالبرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏هذا البرني أما أنه من خير تمراتكم، إنما هو دواء لا داء فيه‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات وفي بعضهم خلاف‏.‏

16061- وعن الزارع أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه بأخيه لأمه - يقال له‏:‏ مطر بن هلال بن عنزة - وخرج بابن أخ له مجنون، ومعهم الأشج - وكان اسمه المنذر بن عائذ - فقال

المنذر‏:‏ يا زارع خرجت معنا برجل مجنون وفتى شاب ليس منا وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال الزارع‏:‏ أما المصاب فآتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له عسى أن يعافيه الله، وأما الفتى العنزي فإنه أخي لأمي وأرجو أن يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة، تصيبه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

فما عدا أن قدمنا المدينة قلنا‏:‏ هذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تمالكنا أن وثبنا عن رواحلنا، فانطلقنا إليه سراعاً فأخذنا يديه ورجليه نقبلهما، وأناخ المنذر راحلته فعقلها، وذاك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عمد إلى رواحلنا فأناخها راحلة راحلة فعقلها كلها، ثم عمد إلى عيبته ففتحها فوضع عنها ثياب السفر، ثم أتى يمشي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا أشج إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله‏"‏‏.‏ قال‏:‏ وما هما بأبي وأمي‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الحلم والأناة‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأنا تخلقت بهما أم الله جبلني عليهما‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏بل الله جبلك عليهما‏"‏‏.‏ قال‏:‏ الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة‏.‏

قال الزارع‏:‏ يا نبي الله بأبي وأمي جئت بابن أخ لي مصاب لتدعو الله له وهو في الركاب، قال‏:‏ ‏"‏فائت به‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأتيته وقد رأيت الذي صنع الأشج، فأخذت عيبتي فأخرجت منها ثوبين حسنين، وألقيت عنه ثياب السفر وألبستهما إياه، ثم أخذت بيده فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر نظر المجنون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اجعل ظهره من قبلي‏"‏‏.‏ فأقمته فجعلت ظهره من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه من قبلي، فأخذه ثم جره بمجامع ردائه فرفع يده حتى رأيت بياض إبطيه، ثم ضرب بثوبه ظهره، وقال‏:‏ ‏"‏اخرج عدو الله‏"‏‏.‏ فالتفت وهو ينظر نظر الصحيح، ثم أقعده بين يديه فدعا له ومسح وجهه‏.‏ قال‏:‏ فلم تزل تلك المسحة في وجهه وهو شيخ كبير، كأن وجهه وجه عذراء شباباً، وما كان في القوم رجل يفضل عليه بعد دعوة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم دعا لنا عبد القيس فقال‏:‏ ‏"‏خير أهل المشرق، رحم الله عبد القيس إذ

أسلموا غير خزايا إذ أبى بعض الناس أن يسلموا‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ثم لم يزل يدعو لنا حتى زالت الشمس‏.‏

قال الزارع‏:‏ يا رسول الله إن معنا ابن أخت لنا ليس منا، قال‏:‏ ‏"‏ابن أخت القوم منهم‏"‏‏.‏ فانصرفنا راجعين، فقال الأشج‏:‏ إنك كنت يا زارع أمثل مني رأياً فيهما، وكان في القوم جهم بن قثم، كان قد شرب قبل ذلك بالبحرين مع ابن عم له، فقام إليه ابن عمه فضرب ساقه بالسيف، فكانت تلك الضربة في ساقه، فقال بعض القوم‏:‏ يا رسول الله بأبي وأمي إن أرضنا ثقيلة وخمة وإنا نشرب من هذا الشراب على طعامنا، فقال‏:‏ ‏"‏لعل أحدكم أن يشرب الإناء ثم يزداد إليها أخرى، حتى يأخذ منه الشراب، فيقوم إلى ابن عمه فيضرب ساقه بالسيف‏"‏‏.‏ فجعل يغطي جهم بن قثم ساقه‏.‏

قال‏:‏ فنهاهم عن الدماء والنقير والحنتم‏.‏

قلت‏:‏ عند أبي داود طرف منه‏.‏

رواه البزار وفيه أم أبان بنت الوازع روى لها أبو داود، وسكت على حديثها، فهو حسن، وبقية رجاله ثقات‏.‏

16062- وعن نافع العبدي قال‏:‏ وفد المنذر بن ساوى من البحرين حتى أتى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع المنذر أناس وأنا غليم لا أعقل، أمسك جمالهم‏.‏

قال‏:‏ فذهبوا بسلاحهم فسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع المنذر سلاحه، ووضع ثياباً كانت معه ومسح لحيته بدهن، فأتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فسلم وأنا مع الجمال، أنظر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال المنذر‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏رأيت منك ما لم أر من أصحابك‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ وما رأيت مني يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وضعت سلاحك ولبست ثيابك وتدهنت‏"‏‏.‏ قال‏:‏ يا نبي الله أفشيء جبلت عليه أم شيء أحدثه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا بل

شيء جبلت عليه‏"‏‏.‏ فسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أسلمت عبد القيس طوعاً، وأسلم الناس كرهاً، فبارك الله في عبد القيس‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أنا أنظر إليك ولكني لم أعقل‏.‏

ومات نافع وهو ابن عشرين ومائة سنة‏.‏

رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه سليمان بن نافع العبدي ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه حرجاً ولا توثيقاً‏.‏ وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في ضرار بن الأزور رضي الله عنه

16063- عن ضرار بن الأزور قال‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ امدد يدك أبايعك على الإسلام، ثم قلت‏:‏

وتركت القداح وعزف القيان * والخمر تصلية وابتهالا

وكري المحبر في عمره * وحملي على المسلمين القتالا

فيا رب لا أغبنن بيعتي * فقد بعت أهلي ومالي بدالا

رواه الطبراني وعبد الله إلا أنه قال‏:‏ وحملي على المشركين، بدل‏:‏ المسلمين‏.‏ وقال‏:‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ما غبنت صفقتك يا ضرار‏"‏‏.‏

وقال في الإسناد‏:‏ محمد بن سعيد الباهلي، والضعيف قرشي والله أعلم‏.‏

ورواه الطبراني بإسنادين في أحدهما محمد بن سعيد بن زياد الأترم وهو ضعيف، وفي ثقات ابن حبان محمد بن سعيد بن زياد، ولم يقل الأترم، فإن كان هو فقد وثق وإلا فهو الضعيف، وفي الآخر من لم أعرفه‏.‏

 باب في نبيشة رضي الله عنه

16064- قال الطبراني‏:‏

هو نبيشة بن عبد الله الهذلي يقول‏:‏ نبيشة الخير، وهو نبيشة بن عبد الله بن شيبان بن عتاب بن الحارث بن حصين بن الحارث بن عبد العزى بن واثلة‏.‏

16065- وعن أم عاصم - وهي أم ولد سفيان بن سلمة بن المحبق الهذلي - قالت‏:‏ دخل علينا نبيشة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه‏:‏ ‏"‏نبيشة الخير‏"‏‏.‏ دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أسارى، فقال‏:‏ يا رسول الله إما أن تمن عليهم وإما أن تفاديهم، فقال‏:‏ ‏"‏أمرت بخير، أنت نبيشة الخير‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وإسناده حسن‏.‏

 باب في الوليد بن الوليد رضي الله عنه

16069- عن إسماعيل بن أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أن الوليد بن الوليد كان محبوساً بمكة، فلما أراد أن يهاجر باع مالاً له يقال له‏:‏ المنا بناقة بالطائف وقال‏:‏

وإن أهاجر وأبع بناقة

ثم أشتر منها حلي وناقة

ثم ارمهم بنفسك المشتاقة

فوجد غفلة من القوم، فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة، وسلمة بن هشام بن المغيرة، مشاة يخافون الطلب، فسعوا حتى تعبوا وقصر الوليد فقال‏:‏

يا قدميّ ألحقاني بالقوم

لا تعداني كسلا بعد اليوم

فلما كان عند بحرة الأضراس نكب فقال‏:‏

هل أنت إلا إصبع دميت

وفي سبيل الله ما لقيت

فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال‏:‏ يا رسول الله جزت وأنا ميت، فكفني في قميصك، واجعله مما يلي جلدي‏.‏ فتوفي فكفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه، ودخل على أم سلمة وبين يديها صبي وهي تقول‏:‏

‏[‏ابك‏]‏ الوليد بن الوليـد * ‏[‏أبا الوليد‏]‏ بن المغيره

إن الوليـد بـن الوليـ * ـد ‏[‏الوليد‏]‏ أبا الوليد كفى العشيره

قد كان غيثاً في السنيـ * ـن ‏[‏السنين‏]‏ وجعفراً غدقاً وميره

فقال‏:‏ ‏"‏إن كنتم تتخذون الوليد حناناً‏"‏‏.‏ فسماه عبد الله‏.‏

رواه الطبراني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو متروك‏.‏